ثار السوريون بغضب للمقال الذي تضمن نظرة عنصرية تجاههم واصفا شارع الحمرا ببيروت بأنه “صار سواداً” لانتشار السوريين “السمر”. مما استدعى جريدة النهار للاعتذار عن مقال حسين حزوري. لكن هذا الاعتذار لم يتبع بمسح هذه النقطة السوداء من صفحاته، وبإمكاننا بالبحث في غوغل باستخدام الوسم التالي :سوريون، الحمرا، سواد.. أن نعثر عليه ببساطة. وبإننا لا نحب التعميم بعد أن مارسه الأصدقاء اللبنانيون طويلا علينا، فنحن أيضا وبمقال كهذا سنبدأ بالإشادة باللبنانيين أصحاب النظرة الإنسانية والثقافة الحقيقية الذين تعاملوا مع الثورة السورية وتبعاتها كضرورة في الحراك الإنساني من أجل التغيير، كتاب وصحفيون وإعلاميون وفنانون ومتطوعون شجعان. قد يكون لبعضهم أجندة ما لتياراتهم تدفعهم لا تخاذ مواقفهم الداعمة للثورة على طول الخط. لكنهم بالتأكيد يمتلكون من الدقة في التناول والجدية في التعاطي مع الشأن السوري ما يجعل السوريين يتابعونهم ويفرحون بمواقفهم فالثورة السورية قد لا تبدو يتيمة تماماً أخيراً، لكنها طريق صعب ومتشابك ونتائجها ستأخذ زمنا طويلا، لذا لا ينخرط بها إلا كل طويل عمر.
الياس خوري، زياد ماجد، ديانا مقلد، حسام عيتاني، ماريا معلوف، نديم قطيش، يوسف بزي، أحمد قعبور .. على سبيل المثال لا الحصر. هؤلاء جميعاً يعبر بعض السوريين عن امتنانهم لهم بالقول: ليتكم سوريون،
إنهم جميعا معرضون للخطر فهم يعيشون في بلد الاغتيالات الأشهر في تاريخ الشرق الأوسط. ويد النظام وحزب الله تقبض بأظافرها الطويلة على خناقه. إنهم على دراية كاملة بالبئر وغطاه، يعرفون تماماً أوجه التشابه بين داعش ونظام الأسد، يعرفون الفرق بين الفصائل المسلحة والجيش الحر، يعون بكل حساسية أهداف حزب الله وإيران في سوريا، يعرفون بدقة التركيبة المعقدة للشعب السوري بأطيافه ومذاهبه وطبقاته، ولهم تاريخ واضح في التعاطي مع الشأن السوري قبل الثورة وبعدها. مواقفهم واضحة بلا أي التباس أو خط رجعة. يعبرون عنها في مقالاتهم وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم وعلى شاشات التلفزيون.
لماذا لا يوجد من السوريين المحسوبين على المعارضة من يستطيع النقاش بنفس الطريقة على الشاشات؟! باختصار لأننا خلال أربعين عاما لم نكن نستطيع أن نتعاطى بالسياسة. بينما اللبنانيون تمرسوا على هامش الحرية في بلدهم كل في تياره، وساعدهم عين الغرب التي ترعى تياراتها المتناحرة في لبنان. عمل بعضهم في منابر الصحافة الدولية، وإجادتهم للغة ثانية تسمح لهم بنقل وجهة نظرهم إلى الآخر بدبلوماسية.
نحن السوريون مازلنا نعاني من التشنج والتشبيح الذي ينتقل على الشاشات بفظاظة. من الطرفين. لم نقبض بعد على اللغة المتوازنة. تسارع الأحداث يأخذنا في طريقه كحصى في السيل جارف.