قصيدة سكراتُ المدن

بلودان 

القرية الخاوية تشمّسُ ثلج ساقيها

بكأسٍ حامض حلو 

بطعم الجهل الغرّ 

ولون الادعاء العنيد

العقل طازجٌ وساخن 

والطيف الوسيم العملاق 

يقطع خشب الوقت

ليشوي عليه كستناء اللحظة

ليت انهدار الذاكرة الآن

يسفرُ عن أي شيء غير هذا الغثيان

عن وجهٍ أو إسم

عن لونِ عينٍ مثلا!!!

عن نقشةِ قميص!!

دمشق1

ليلةٌ بنصف حبة عنب

 فيها عواءٌ نائحٌ ونشيجٌ بعيد

يختلط بأنفاس الطفلة النائمة

وضع الذئب ذيله في فم حارس الغابة 

وأنا أصده بلا صوتٍ هامسة

اقتلني.. اقتلني بسرعة

قبل أن يتبخر الليل 

باريس

لا التوليدو ولا الرداء الأحمر

لا المترو ولا نفيف المطر

لا السين ولا الرقص مع الغرباء

لا الكاريكاتير ولا الغياب المتأخر للشمس 

لا النبيذ ولا الجيكو 

لا تماثيل الشياطين

ولا أجراس الملائكة

ولا كلسات الشبك في أبو كير 

ولا غرابة بيتزا كافية دي روما

بالبيض والباذنجان والأرضي شوكي

لا شيء أبداً

 صنع ليلة واحدة

أكتب فيها قصيدة باريسية

كان كوزيمودو سعيداً

كملكٍ للمغفلين

وأنا أستفرغ رأسي في حفرةٍ سحيقة

دمشق 2

ارتكاب النبيذ في حارة الزيتون

برفقة رجلٍ لطيفٍ مثل جملةٍ شعرية

وجارحٍ مثل فراقٍ تعسفيٍّ

قصيدةٌ ناجزة 

حتى وإن لم تجد في اللغات

أحرفاً كافية لكتابتها

لابد من نوطة موسيقية في الخلف

ومفاتيح من ياسمين وفستق حلبي

قدت به الشوارع 

مثل أعمى “ابراهيم أصلان”

  أبحرنا من شواطئ دمشق

ونزلنا إلى كبد السماء من قمة قاسيون 

من أين يأتي الشعراء بكلِّ هذا الخمر؟

القاهرة

كل ماءٍ في القاهرة يلعب بالرأس 

عصير الدوم في المهندسين

الرّمان في الفيشاوي

شاي الخمسينة المعتم

والبن المحوّج 

ونيلٌ لا يفيض

تدمنه من رحلة في “فلوكة”

حتى قبل أن ينظم عمر الخيام 

زجاجةَ شعرٍ فارسي على الغداء

وتصطادَ من غور قلبي

 بشباكِ ظلّكَ

حوت الضحك الأزرق

لكن لا تنس إن سألك النادل

لوكال والا إكسبورت يافندم؟؟

أن تطلب ستيلا

وستيلا فقط

بيروت

للأناقة لون أخضرُ داكنٌ

وغطاءٌ ذهبي

 وميلان 75 درجة على خاصرة الملل

عكس عقارب الساعة تمسّدين ياصديقتي 

 مواضع الحزن

وبإبهامك تحررين المارد 

سيستحيل علينا إدخال الهموم الضخمة

في الخلق الضيق

لذا علينا أن نحتال هذه الليلة

أُخرِجُ لكِ فيها الحديثَ المطمور

تحت البلاطة السادسة للحواس

بطريقة الأداء المسرحي

تخفين صدمتكِ وراء اهتمام مبالغٍ فيه

تجرين مداخلاتٍ مبهمة ومطولة

 تجعلني أغالبُ غيمة دمعٍ مارقةً داهمت المسافة بيننا

وأتبع سنجاباً يشبه حبيبي يتسلق شعركِ النعسان

أنتزع بملقط الإجابة

 سؤالاً ينغز شفتك السفلى

 وأنصت بكياني إلى حفيفِ ملائكة الغفران

يرشون ذنوبنا بالضوء

ويسرجون بنا خيول الصباح

أرتدي الخفة إلى النوم

ويلحق بي صليلُ خلاخيل ضحكتكِ

ووشوشات الكرسي الهزاز

ولا أسمعكِ تقولينَ بتحسّفٍ:

“سأرمي ماتبقى من الشمبانيا في الحوض”

لأنني أكون في مكتبة النوم

أختار فيلماً من الأحلام

حلب

 قالوا: رقصتِ حتى الثمالة

والحضور ارتكبوا مجزرةً من التصفيق..؟!!

فلماذا لا أتذكر سوى صوتاً رديئاً يقلد صباح فخري

ويقبع تحت لساني طعمٌ بايت 

لكبّة سمّاقية؟!!

لاس فيغاس

ماري الدموية العذراء

لا تخيف السيّاح

فهي مجرد عصير بندورة

مفخخ بقنبلة بهارات لاذعة وزيتونة 

ماري الدموية العذراء

لاتُذهِبُ العقلَ

جعلتني أرقص على سطح بيلاجيو 

وأرفض النزول إلى غرفة الـ 

VIP

لماذا لا تديرين لي مؤخرتكِ؟؟ 

لأننا في “الشرق الأوسط”

نرقص وجهاً لوجه

وعيوننا تفعل ماتريد

نتركُ مسافةَ بُعدٍ كاوية 

نتخيلها في اللّيل

حين نكتب شعراً يتغنى بالخيبة
 نسكر بالشاي والياسمين..

ونتمنى إسقاط الأنظمة

أصرخُ ليسمعني

(أنا من سوريا)

التي ليست

NEAR PUERTO RICO!!!

حيث لا يمكن أن نندمج برقصةٍ

وليس بيننا طعمٌ مشترك

لسندويشة شاورما “الريان”

تنسف سلسلة مطاعم ماكدونالدز حول العالم

ولمنقوشة وثيرة من عند “كميل”

تقارع بزعترها الطري أكواماً من البيغل الناشف

ولعشرة مساطر من الصف الرابع

تعلّم شهراً على فخذيك بحصة التربية البدنية

ويعبر وجعها ذاكرتك لحظة موتك

ولرفسة من مدربة فتوة 

تعطب كرامتك إلى الأبد

ولأورغازم عنيف تسببه نظراتٌ صامتة

في طابور الصباح

على وقع النشيد الوطني

وتفشل على مقياسه

كل المحاولات لخلق شعورٍ مشابه

ماري الدموية العذراء 

رتبت لي زيارة إلى معتقلات الحنين

وزكمت ببهاراتها حساسيتي

فلم أشم رائحتكَ الجبانة 

التي خلّفْتَها في المكان

بعد أن أرعبتُكَ بكلمتين

 “عربية مسلمة”

دبي
 

لاحتفال ديونيسيسيٍ هائلٍ

رُتبت هذه المدينة

فاحشةُ الانتصاب

وصحراء مكوّمة كشرشفٍ أسفل الخليج

لا حظوظ للحب هنا

 التوريةُ والخفرُ والمماطلة والتمنّع

وكل ما نجيده عادةً

ونستهلكه بكمياتٍ هائلة

دبي سوقُ تداولٍ حسيٍّ

كل شيء هنا يتم بصفقة 

المطر والغبار والسير في طرقاتٍ سالكة

وآلافُ البروج المشيدة

ليستمر مسلسل العمالة الوافدة 

وتبقى النوافذ بهذا اللمعان

دبي سيدة المضافة

متبرجةٌ ليل نهارٍ

ومن غير المسموح أن تأخذ إجازة فوضى

أن تترهلَ أو تشيخ

سينتابك إحساسٌ مقيم بالعجز وأنت تتساءلُ

من أين لها بكل ذلك الماء؟؟

ويتفاقم شعورك بالعطش

ذكرني عندما أفيقُ تماماً من الدهشة

أن أحكي لك لماذا اختارت كوكوشانيل تحديداً

N”5

ولماذا سميت مدينة المعرفة

بهذا الإسم.

ولماذا دمشق

بعد كل النساء..

15-4-2012

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s