منذ ثلاثة عقود من الزمان شهدتُ ازياد علاقة الفتيات والسيدات متانة بلعبة كرة القدم
أطرفها أن ابنتي حين كانت في التاسعة من عمرها كانت تقول إنها ستنجب أحد عشر ولدا لتنشيء فريقاً عائليا لكرة القدم. وحين نسألها ماذا ستسميهم كانت تقول: ميسي وكاكا ورونالدو ورونالدينيو وزين الدين زيدان وتيري هنري… هذا ما تسعفني به ذاكرتي من أسماء أحفادي المفترضين.
كان والدها محباً لكرة القدم وحين ينشغلان قبل بطولة كأس أوروبا أو كأس العالم بتوصيل الكابلات لمتابعتها عبر الساتلايت، كنت أنزوي للكتابة لساعات على أنغام صيحاتها الطفولية وتحليلاتها عن كل لعبة.
تطل برأسها الصغير من باب مكتبي وتقول: تعالي احضري معنا المباراة بتجنن..
فأجيبها بتعالي المهمومين بقضايا المجتمع العربي: كرة القدم رياضة لتلعبوها مو لتتفرجوا عليها وانتو عم تاكلوا بوب كورن وبزر!
ابنتي لم تكذب خبراً حين كبرت وأصبحت لاعبة كرة قدم في فريق الجامعة الأمريكية في بيروت. قبل أن يتحول شغفها للفنون القتالية.
لكن الأمور تطورت بعد ذلك لتدخل لولو ابنة جارتي وصديقتي رشا الأخرس في نادي برشلونة للصغار في الكويت. حيث تذهب هذه النوادي الكبيرة إلى دول الشرق الأوسط بحثاً عن الموهوبين.
كانت لولو بضفيرتيها السميكتين تستطيع أن تنطط الكرة على قدميها لعشرين دقيقة دون توقف. وسط دهشة صبيان حي الجابرية الذين لم يستطيعوا مجاراتها.
أما بنات أختي الأكبر روبي وروان فقد دخلتا فريق كرة القدم في مدرستهما في أميركا وتأهلتا لمنحة دراسية بسبب هذه المهارة الرياضية.
لطالما فاجأتني النساء بتفوقهن في القدرة على تحليل المباريات. زميلاتي مذيعات النشرات الرياضية ومحرراتها كن محاربات في مجال لطالما كان حكراً على الذكور. وحتى اليوم لا نجد في القنوات الرياضية أي فسحة لهن لإبراز هذه الموهبة.
وبما أنني أعتقد أن كرة القدم بالنسبة لي مثل الرياضيات، الفص الدماغي المسؤول عنها في رأسي أشبه ببلاط رخامي صقيل مغطى بطبقة من الصابون والرغوة، لذا لم أفلح في كسب هذه المهارات وإن كان صهري يعتقد غير ذلك فقد لاحظ أن تعليقاتي القليلة على أي مباراة مفاجئة وغير متوقعة له وربما لذلك علاقة بأننا كنساء نمتاز فطريا بالدقة في متابعة التفاصيل.